فصل: فصل‏:‏ لفظةُ التعزية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأذكار المنتخب من كلام سيد الأبرار **


 بابُ استحباب وصيّة أهلِ المريضِ وَمَنْ يَخدمه بالإِحسانِ إِليه واحتمالِه والصبرِ على ما يَشُقُّ من أمْرِه وكذلك الوصيّة بمن قَرُبَ سببُ موته بحدٍّ أو قَصَاصٍ أو غيرهما‏.‏

1/362 روينا في صحيح مسلم، عن عمران بن الحصين رضي اللّه عنهما، أن امرأةً من جهينة أتت النبيّ صلى اللّه عليه وسلم وهي حُبلى من الزنى، فقالت‏:‏ يا رسول اللّه‏!‏ أصبتُ حَدّاً فأقمْه عليَّ، فدعا نبيُّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وليَّها فقال‏:‏ ‏"‏أحْسِنْ إِلَيْها فإذَا وَضَعَتْ فائتني بِهَا‏"‏ ففعلَ، فأمرَ بها النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم فشُدَّتْ عليها ثيابُها، ثم أمرَ بها فرُجمتْ ثم صلَّى عليها‏.‏ ‏(1)

 بابُ ما يقولُه مَنْ به صُداعٌ أو حُمَّى أو غيرهِما (2)‏(‏في ‏ ‏ج‏ ‏‏:‏ ‏ ‏أو نحوهما‏ ‏‏)‏ "‏(‏في ‏ ‏ج‏ ‏‏:‏ ‏ ‏أو نحوهما‏ ‏‏)‏ "‏(‏في ‏ ‏ج‏ ‏‏:‏ ‏ ‏أو نحوهما‏ ‏‏)‏ " من الأَوْجَاع

1/363 روينا في كتاب ابن السني، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يعلِّمهم من الأوجاع كلِّها ومن الحمّى أن يقول‏:‏ ‏"‏بِسْمِ اللَّهِ الكَبِيرِ، نَعُوذُ باللَّهِ العَظِيمِ منْ شَرّ عِرْقٍ نَعَّارٍ، وَمنْ شَرّ حَرّ النَّارِ‏"‏‏.‏‏(3)

وينبغي أن يَقرأ على نفسه الفاتحة، وقل هو اللّه أحد، والمعوّذتين وينفث في يديه كما سبق بيانه، وأن يدعو بدعاء الكرب الذي قدّمناه‏.‏

و‏"‏نعَّار‏"‏ من نَعَرَ العرق‏:‏ فار بالدم‏.‏

 باب جواز قَوْل المريض‏:‏ أنا شديدُ الوجَع، أو مَوْعوكٌ، أو وَارأسَاهُ ونحو ذلك، وبيانُ أنه لا كراهة في ذلك إذا لم يكن شيءٌ من ذلك على سبيل التَّسَخُّطِ وإظهارِ الجَزَعِ

1/364 وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال‏:‏ دخلتُ على النبيّ وهو يُوعَكُ، فمسسْتُه فقلت‏:‏ إنك لتُوعك وعكاً شديداً، قال‏:‏ ‏"‏أجَلْ كما يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ‏"‏‏.‏(4)

2/265 روينا في صحيحيهما، عن سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه قال‏:‏ جاءني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعودُني من وَجَعٍ اشتدّ بي، فقلتُ‏:‏ بلغ بي ما ترى وأنا ذو مالٍ ولا يرثني إلا ابنتي‏.‏ وذكرَ الحديث‏.‏ (5)

3/366 وروينا في صحيح البخاري، عن القاسم بن محمد قال‏:‏ قالت عائشة رضي اللّه عنها‏:‏ وارأساه فقال النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏بَلْ أنا وارأساهُ‏"‏ وذكر الحديث‏.‏ هذا الحديث بهذا اللفظ مرسل (6)

 بابُ كراهية تمنِّي الموت لضُرٍّ نزلَ بالإِنسان وجوازُه إذا خاف فتنةً في دينهِ

1/367 روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أنس رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ مِنْ ضُرّ أصَابَهُ، فإنْ كانَ لا بُدَّ فاعِلاً فَلْيَقُلْ‏:‏ اللَّهُمَّ أحْيِني ما كانَتِ الحَياةُ خَيْراً لي، وَتَوَفَّنِي إذَا كَانَتِ الوَفاةُ خَيْراً لِي‏"‏‏.‏(7)

قال العلماء من أصحابنا وغيرهم‏:‏ هذا إذا تمنى لضرّ ونحوه، فإن تمنى الموت خوفاً على دينه لفسادِ الزمان ونحو ذلك‏:‏ لم يكره‏.‏

 بابُ استحبابِ دُعاءِ الإِنسانِ بأنْ يكونَ موتُه في البلدِ الشريف

1/368 روينا في صحيح البخاري، عَنْ أمِّ المؤمنين حفصة بنت عمر رضي اللّه عنهما قالت‏:‏ قال عمر رضي اللّه عنه‏:‏ اللَّهمّ ارزقني شهادة في سبيلك، واجعلْ موتي في بلدِ رسولِك صلى اللّه عليه وسلم، فقلتُ‏:‏ أنَّى يكونُ هذا‏؟‏ قال‏:‏ يأتيني اللّه به إذا شاء‏.‏ (8)

 بابُ استحباب تَطْييبِ نفس (9)‏(‏في‏ ‏د‏ ‏‏:‏‏ ‏في تطييب النَّفْس‏ ‏‏( "‏(‏في‏ ‏د‏ ‏‏:‏‏ ‏في تطييب النَّفْس‏ ‏‏( "‏(‏في‏ ‏د‏ ‏‏:‏‏ ‏في تطييب النَّفْس‏ ‏‏( "‏ المريضِ

1/369 روينا في كتاب الترمذي وابن ماجه بإسناد ضعيف، عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إذَا دَخَلْتُمْ على مَرِيضٍ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي أَجَلِهِ، فإنَّ ذلكَ لا يَرُدُّ شَيْئاً وَيُطَيِّبُ نَفْسَهُ‏"‏ ويغني عنه حديث ابن عباس السابق ‏(10)

 بابُ الثَّناءِ على المريضِ بمحَاسِن أعمالِه ونحوها إذا رأى منه خوفاً ليذهبَ خوفُه ويُحَسِّن ظنَّه بربهِ سبحانَه وتعَالى

1/370 روينا في صحيح البخاري، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛أنه قال لعمر بن الخطاب رضي اللّه عنه حين طُعِنَ وكان يُجزِّعه‏:‏ يا أميرَ المؤمنين‏!‏ ولا كلّ ذلك، قد صحبتَ رسول اللّه فأحسنتَ صحبتَه، ثم فارقَكَ وهو عنك راضٍ، ثم صحبتَ أبا بكر فأحسنتَ صحبتَه، ثم فارقَكَ وهو عنك راضٍ، ثم صحبتَ المسلمين فأحسنتَ صحبتهم، ولئن فارقتهم لتفارقنَّهم وهم عنك راضون‏.‏‏.‏ وذكر تمام الحديث‏.‏ وقال عمر رضي اللّه عنه‏:‏ ذلك مِنْ مَنِّ اللّه تعالى‏.‏

2/371 وروينا في صحيح مسلم، عن ابن شُماسة ـ بضم الشين وفتحها ـ قال‏:‏ حضرنا عمرو بن العاص رضي اللّه عنه، وهو في سِياقة الموت يَبكي طويلاً، وحوّل وجهه إلى الجدار فجعل ابنه يقول‏:‏ يا أبتاه، أما بَشَّرَكَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بكذا، أما بشِّرك رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بكذا، فأقبلَ بوجهه فقال‏:‏ إنَّ أفضلَ ما نُعِدُّ شهادةَ أن لا إِلهَ إِلاَّ اللّه وأن محمداً رسولُ اللّه، ثم ذكرَ تمامَ الحديث‏.‏ (11)

3/372 وروينا في صحيح البخاري، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي اللّه عنهم؛أن عائشة رضي اللّه عنها اشتكت، فجاء ابن عباس رضي اللّه عنهما فقال‏:‏ يا أمّ المؤمنين‏!‏ تقدَمين على فَرْطِ صدق‏:‏ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وأبي بكر رضي اللّه عنه‏.‏ ورواه البخاري أيضاً من رواية ابن أبي مُليكة أن ابن عباس استأذن على عائشة قبل موتها وهي مغلوبة، قالت‏:‏ أخشى أن يثني عليّ، فقيل‏:‏ ابن عمّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من وجوه المسلمين، قالت‏:‏ ائذنوا له، قال‏:‏ كيف تجدينك‏؟‏ قالت‏:‏ بخير إن اتقيتُ، قال‏:‏ فأنت بخير إن شاء اللّه‏:‏ زوجة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ولم ينكح بِكراً غيرك ونزلَ عذرُك من السماء‏.‏ ‏(12)(‏مسلم ‏(‏121‏(‏ و‏ ‏سياقة الموت‏ ‏‏:‏ وقت حضور الأجَل، كأن روحه تُساق لتخرج من جسده‏.‏‏)‏ ‏(‏البخاري ‏(‏3770‏(‏ و ‏(‏3771‏(‏ ‏.‏ و‏ ‏الفرط‏ ‏ المتقدم من كل شيء‏.‏‏)‏ "(‏مسلم ‏(‏121‏(‏ و‏ ‏سياقة الموت‏ ‏‏:‏ وقت حضور الأجَل، كأن روحه تُساق لتخرج من جسده‏.‏‏)‏ ‏(‏البخاري ‏(‏3770‏(‏ و ‏(‏3771‏(‏ ‏.‏ و‏ ‏الفرط‏ ‏ المتقدم من كل شيء‏.‏‏)‏ "(‏مسلم ‏(‏121‏(‏ و‏ ‏سياقة الموت‏ ‏‏:‏ وقت حضور الأجَل، كأن روحه تُساق لتخرج من جسده‏.‏‏)‏ ‏(‏البخاري ‏(‏3770‏(‏ و ‏(‏3771‏(‏ ‏.‏ و‏ ‏الفرط‏ ‏ المتقدم من كل شيء‏.‏‏)‏ "(‏مسلم ‏(‏121‏(‏ و‏ ‏سياقة الموت‏ ‏‏:‏ وقت حضور الأجَل، كأن روحه تُساق لتخرج من جسده‏.‏‏)‏ ‏(‏البخاري ‏(‏3770‏(‏ و ‏(‏3771‏(‏ ‏.‏ و‏ ‏الفرط‏ ‏ المتقدم من كل شيء‏.‏‏)‏"(‏مسلم ‏(‏121‏(‏ و‏"‏سياقة الموت‏"‏‏:‏ وقت حضور الأجَل، كأن روحه تُساق لتخرج من جسده‏.‏‏)‏ ‏(‏البخاري ‏(‏3770‏(‏ و ‏(‏3771‏(‏ ‏.‏ و‏"‏الفرط‏"‏ المتقدم من كل شيء‏.‏‏)‏

 بابُ ما جَاءَ في تَشْهيةِ المريضِ

1/373 روينا في كتابي ابن ماجه وابن السني بإسناد ضعيف، عن أنس رضي اللّه عنه قال‏:‏

دخل النبيّ صلى اللّه عليه وسلم على رجلٍ يعودُه فقال ‏"‏هَلْ تَشْتَهِي شيئاً‏؟‏ تشتهي كَعْكاً‏؟‏‏"‏ قال‏:‏ نعم، فطلبه له‏.‏ ‏(13)

2/374 وروينا في كتابي الترمذي وابن ماجه، عن عقبة بن عامر رضي اللّه عنه، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا تُكْرِهُوا مَرْضَاكُمْ على الطَّعامِ والشَّرابِ، فإنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ‏"‏ قال الترمذي‏:‏ حديث حسن‏.‏ ‏(14)

 بابُ طلبِ العوََّادِ الدُّعاء من المريضِ

1/375 روينا في سنن ابن ماجه وكتاب ابن السني بإسناد صحيح أو حسن، عن ميمون بن مهران، عن عمر رضي اللّه عنهما قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إذَا دَخَلْتَ على مَرِيضٍ فَمُرْهُ فَلْيَدْعُ لَكَ، فإنَّ دُعَاءَهُ كَدُعاءِ المَلائِكَةِ‏"‏‏.‏ لكن ميمون بن مهران لم يدرك عمر‏.‏ (15)

 بابُ وَعْظِ المريضِ بعدَ عافيتِه وتذكيره الوفاءَ بما عاهدَ اللّه تعالى عليه من التوبة وغيرِها

قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وَأوْفُوا بالعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كانَ مَسْؤُولاً‏}‏الإِسراء‏:‏34 وقال تعالى‏:‏ ‏{‏والمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذَا عاهَدُوا‏}‏ البقرة‏:‏177 الآية، والآيات في الباب كثيرة معروفة‏.‏

1/376 وروينا في كتاب ابن السني، عن خوّات بن جُبير رضي اللّه عنه، قال‏:‏ مرضتُ فعادَني رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏صَحَّ الجِسْمُ يا خَوَّاتُ، قلت‏:‏ وجسمُك يا رسول اللّه‏!‏ قال‏:‏ فَفِ اللّه بِمَا وَعَدْتَهُ، فقلت‏:‏ ما وعدتُ اللّه عَزّ وجلَّ شيئاً، قال‏:‏ بَلى إنَّهُ ما منْ عَبْدٍ يَمْرَضُ إِلاَّ أحْدَثَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَيْراً، فَفِ اللّه بِمَا وَعَدْتَهُ‏"‏‏.‏(16)

 بابُ ما يقولُه من أَيِسَ من حَياتِه

1/377 روينا في كتاب الترمذي وسنن ابن ماجه، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ رأيتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو بالموت وعنده قدحٌ فيه ماء، وهو يُدْخِلُ يدَه في القدح ثم يمسحُ وجهَه بالماء، ثم يقولُ‏:‏ ‏"‏اللَّهُمَّ أعِنِّي على غَمَرَاتِ المَوْتِ وَسَكَرَاتِ المَوْتِ‏"‏‏.‏‏(17)(‏ الترمذي ‏(‏978‏(‏ ، وابن ماجه ‏(‏1623‏(‏ ، والنسائي في ‏ ‏اليوم والليلة‏ ‏ ‏(‏1093‏(‏ ، و‏ ‏غمرات الموت‏ ‏‏:‏ شدائده‏.‏ و‏ ‏سكرات الموت‏ ‏‏:‏ جمع سَكْرة، وهي شدّته التي تُفقد الوعي‏.‏‏)‏ "(‏ الترمذي ‏(‏978‏(‏ ، وابن ماجه ‏(‏1623‏(‏ ، والنسائي في ‏ ‏اليوم والليلة‏ ‏ ‏(‏1093‏(‏ ، و‏ ‏غمرات الموت‏ ‏‏:‏ شدائده‏.‏ و‏ ‏سكرات الموت‏ ‏‏:‏ جمع سَكْرة، وهي شدّته التي تُفقد الوعي‏.‏‏)‏ "(‏ الترمذي ‏(‏978‏(‏ ، وابن ماجه ‏(‏1623‏(‏ ، والنسائي في ‏ ‏اليوم والليلة‏ ‏ ‏(‏1093‏(‏ ، و‏ ‏غمرات الموت‏ ‏‏:‏ شدائده‏.‏ و‏ ‏سكرات الموت‏ ‏‏:‏ جمع سَكْرة، وهي شدّته التي تُفقد الوعي‏.‏‏)‏ "(‏ الترمذي ‏(‏978‏(‏ ، وابن ماجه ‏(‏1623‏(‏ ، والنسائي في ‏ ‏اليوم والليلة‏ ‏ ‏(‏1093‏(‏ ، و‏ ‏غمرات الموت‏ ‏‏:‏ شدائده‏.‏ و‏ ‏سكرات الموت‏ ‏‏:‏ جمع سَكْرة، وهي شدّته التي تُفقد الوعي‏.‏‏)‏"(‏ الترمذي ‏(‏978‏(‏ ، وابن ماجه ‏(‏1623‏(‏ ، والنسائي في ‏"‏اليوم والليلة‏"‏ ‏(‏1093‏(‏ ، و‏"‏غمرات الموت‏"‏‏:‏ شدائده‏.‏ و‏"‏سكرات الموت‏"‏‏:‏ جمع سَكْرة، وهي شدّته التي تُفقد الوعي‏.‏‏)‏

3/378 وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ سمعتُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم وهو مستندٌ إليّ يقول‏:‏ ‏"‏اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي وَارْحَمْنِي وألحِقْني بالرَّفِيقِ الأعْلَى‏"‏‏.‏

ويستحبّ أن يكثرَ من القرآن والأذكار، ويُكره له الجزع ‏(18) وسوء الخلق، والشتم، والمخاصمة، والمنازعة في غير الأمور الدينية، ويُستحبّ أن يكونَ شاكراً للّه تعالى بقلبه ولسانه، ويستحضر في ذهنه أن هذا آخرُ أوقاتِه من الدنيا فيجتهدُ على ختمها بخير، ويبادر إلى أداء الحقوق إلى أهلها، من ردّ المظالم والودائع والعواري، واستحلال أهله‏:‏ من زوجته، ووالديه، وأولاده، وغلمانه، وجيرانه، وأصدقائه، وكل من كانت بينه وبينه معاملة أو مصاحبة، أو تعلّق في شيء‏.‏ وينبغي أن يوصيَ بأمورِ أولادِه إن لم يكن لهم جدٌّ يَصلحُ للولاية، ويُوصي بما لا يتمكن من فعله في الحال‏:‏ من قضاء بعض الديون ونحو ذلك‏.‏ وأن يكون حسنَ الظنّ باللّه سبحانه وتعالى أنه يرحمَه، ويستحضر في ذهنه أنه حقير في مخلوقات اللّه تعالى، وأن اللّه تعالى غنّي عن عذابه وعن طاعته، وأنه عبدُه، ولا يطلبُ العفوَ والإِحسان والصفح (19) والامتنان إلا منه‏.‏ ويستحبّ أن يكون مُتعاهداً نفسه بقراءة آياتٍ من القرآن العزيز في الرجاء، ويقرؤُها بصوت رقيق، أو يقرؤُها له غيره وهو يستمع‏.‏ وكذلك يستقرىءُ أحاديثَ الرجال وحكاياتِ الصالحين وآثارَهم عند الموت‏.‏ وأن يكونَ خيرُه مُتزايداً، ويحافظ على الصلوات، واجتناب النجاسات، وغير ذلك من وظائف الدين، ويصبر على مشقة ذلك؛ وليحذرْ من التساهل في ذلك، فإن من أقبح القبائح أن يكونَ آخِرُ عهده من الدنيا التي هي مزرعة الآخرة التفريط فيما وجب عليه أو ندب إليه‏.‏ وينبغي له أن لا يقبل قول من يخذله عن شيء مما ذكرناه، فإن هذا مما يُبتلى به، وفاعل ذلك هو الصديق الجاهل العدوّ الخفيّ فلا يقبل تخذيله، وليجتهد في ختم عمره بأكمل الأحوال‏.‏ ويستحبّ أن يوصي أهله وأصحابه بالصبر عليه في مرضه، واحتمال ما يصدر منه، ويوصيهم أيضاً بالصبر على مصيبتهم به، ويجتهد في وصيتهم بترك البكاء عليه، ويقول لهم‏:‏ صحَّ عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏المَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ ‏"‏ ‏(20)

ودلائل ما ذكرته في هذا الباب معروفة مشهورة حذفتها اختصاراً فإنها تحتمل كراريس‏.‏ وإذا حضره النزعُ فليكثرْ من قول‏:‏ لا إِلهَ إِلاَّ اللّه‏.‏ لتكون آخرَ كلامِه‏.‏ ‏(‏البخاري ‏(‏4440‏(‏ ، ومسلم ‏(‏2444‏(‏ ، والموطأ 1/238ـ239، والترمذي ‏(‏3490‏(‏ ، وهو في المسند 6/89‏.‏‏)‏">

3/379 فقد روينا في الحديث المشهور في سنن أبي داود وغيره، عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ مَنْ كَان آخِرَ كَلامِه لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ دَخَلَ الجَنَّةَ‏"‏ قال الحاكم أبو عبد اللّه في كتابه المستدرك على الصحيحين‏:‏ هذا حديث صحيح الإِسناد‏.‏

(21)

4/30 وروينا في صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وغيرهما، عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لَقِّنُوا مَوْتاكُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّه‏"‏ قال الترمذي‏:‏ هذا حديث حسن صحيح‏.‏ ورويناه في صحيح مسلم أيضاً من رواية أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

قال العلماء‏:‏ فإن لم يقل هو ‏"‏لا إِله إِلاَّ اللّه‏"‏ لقَّنه مَنْ حضرَه، ويلقنه برفق مخافةَ أن يضجرَ فيردّها ‏(22) ، وإذا قالها مرّة لا يُعيدها عليه إلا أن يتكلم بكلام آخر‏.‏ قال أصحابنا‏:‏ ويستحبّ أن يكون الملقن غير وارثٍ متّهم، لئلا يُحْرِجَ الميتَ ويتَّهمه‏.‏

واعلم أن جماعة من أصحابنا قالوا‏:‏ نُلَقِّنُ ونقولُ (23)

لا إِله إلاَّ اللّه محمد رسول اللّه، واقتصر الجمهور على قول لا إِله إِلاَّ اللّه، وقد بسطتُ ذلك بدلائله وبيان قائليه في كتاب الجنائز من شرح المهذّب‏.‏

 فائدة‏:‏

قال القرطبي ‏"‏صاحب كتاب المفهم شرح صحيح مسلم‏"‏‏:‏ في تشديد الموت على الأنبياء فائدتان‏:‏ إحداهما‏:‏ تكميل فضائلهم ورفع درجاتهم وليس ذلك نقصاً ولا عذاباً، بل هو كما جاء ‏"‏إن أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل‏"‏‏.‏ والثانية‏:‏ أن يعرف الخلقُ مقدار ألم الموت، فقد يطلع الإِنسان على بعض الموتى ولا يرى عليه حركة ولا قلقاً ويرى سهولة خروج روحه، فيظن الأمر سهلاً ولا يعرفُ ما الميتُ فيه، فلما ذكرَ الأنبياءُ الصادقون شدّة الموت مع كرامتهم على اللّه سبحانه، قطعَ الخلقُ بشدة الموت الذي يقاسيه الميت مطلقاً؛ لإِخبار الصادق عنه ما خلا الشهيد قتيل الكفّار على ما ثبت في الحديث‏.‏ (24)

 بابُ ما يقولُه بعد تَغميضِ الميّت

1/381 روينا في صحيح مسلم، عن أُمّ سلمة، واسمها هند رضي اللّه عنها، قالت‏:‏ دخلَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم على أبي سلمة وقد شَقَّ بصرُه، فأغمضَه ثم قال‏:‏ ‏"‏إن الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبعَهُ البَصَرُ، فَضجّ ناسٌ من أهلِه، فقال‏:‏ لا تَدْعُوا على أنْفُسكُمْ إِلاَّ بِخَيْرٍ، فإنَّ المَلائِكَةَ يُؤمِّنُونَ على ما تَقُولُونَ، ثم قال‏:‏ اللَّهُمّ اغْفِرْ لأَبِي سَلَمَة، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ في المَهْدِيَّينَ، وَاخْلُفْهُ في عَقِبِهِ في الغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنا وَلَهُ يا رَبَّ العالَمِينَ، وَافْسحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ‏"‏ قلت‏:‏ قولها ‏"‏شقَّ بصرُه‏"‏ هو بفتح الشين، وبصرُه برفع الراء فاعل شقّ، هكذا الرواية فيه باتفاق الحفاظ وأهل الضبط‏.‏ قال صاحب الأفعال‏:‏ يُقال شقّ بصرُ الميت، شقّ الميتُ بصرَه‏:‏ إذا شخص‏.‏ ‏(25)

2/382 وروينا في سنن البيهقي بإسناد صحيح، عن بكر بن عبد اللّه التابعي الجليل قال‏:‏

إذا أغمضتَ الميّتَ فقل‏:‏ بسمِ اللّه، وعلى ملّةِ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم؛ وإذا حملته فقل‏:‏ بسم اللّه، ثم سبِّحْ ما دمتَ تحملُه‏.‏ ‏(26)

 بابُ ما يُقالُ عندَ الميّت

1/383 روينا في صحيح مسلم، عن أُمّ سلمة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إذَا حَضَرْتُمُ المَرِيضَ أَوِ المَيِّتَ فَقُولُوا خَيْراً، فإنَّ المَلائكَةَ يُؤَمِّنُونَ على ما تَقُولُونَ‏"‏ قالت‏:‏ فلما مات أبو سلمة أتيتُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فقلتُ‏:‏ يا رسولَ اللّه‏!‏ إن أبا سلمةَ قد ماتَ، قال‏:‏ قُولي‏:‏ ‏"‏اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي وَلَهُ، وَأعْقِبْنِي مِنْهُ عُقْبَى حَسَنَةً‏"‏ فقلتُ، فأعقبني اللّه مَن هو خيرٌ لي منه‏:‏ محمداً صلى اللّه عليه وسلم‏.‏ قلتُ‏:‏ هكذا وقع في صحيح مسلم، وفي الترمذي‏.‏‏"‏إذَا حَضَرْتُمُ المَرِيضَ‏"‏ أوِ ‏"‏المَيِّتَ‏"‏ على الشكّ‏.‏ وروينا في سنن أبي داود وغيره ‏"‏الميّتَ‏"‏ من غير شك‏.‏ ‏(27)

2/384 وروينا في سنن أبي داود وابن ماجه، عن معقل بن يسار الصحابي رضي اللّه عنه؛

أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏اقْرَؤُوا يس على مَوْتاكُمْ‏"‏ قلت‏:‏ إسناده ضعيف، فيه مجهولان، لكن لم يضعفه أبو داود‏.‏

وروى ابن أبي داود، عن مُجالد، عن الشعبيّ قال‏:‏ كانت الأنصارُ إذا حَضَرُوا قرؤوا عند الميت سورة البقرة‏.‏ مُجالد ضعيف‏.‏ (28)

 بابُ ما يقولُه مَنْ مَاتَ له ميّت

1/385 روينا في صحيح مسلم، عن أُمّ سلمة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ سمعتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏ما مِنْ عَبْدٍ تُصيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ‏:‏ إنّا لِلَّهِ وإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ؛ اللَّهُمَّ أجُرْنِي فِي مُصِيبَتي وأخْلِفْ لي خَيْراً مِنْها إلاَّ أَجَرَهُ اللَّهُ تَعالى في مُصِيبَتِهِ وأخْلَفَ لَهُ خَيْراً مِنْها‏"‏، قالت‏:‏ فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأخلف اللّه تعالى لي خيراً منه‏:‏ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏.‏ ‏(29)

2/386 وروينا في سنن أبي داود، عن أُم سلمة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏‏"‏إِذَا أصَابَ أحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ فَلْيَقُلْ‏:‏ إِنَّا لِلَّهِ وإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ عِنْدَكَ أحْتَسِبُ مُصِيبَتِي فأْجُرْنِي فِيها وأبْدِلْنِي بِها خَيْراً مِنها‏"‏‏.‏(30)

3/387 وروينا في كتاب الترمذي وغيره، عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إذَا ماتَ وَلَدُ العَبْدِ قالَ اللَّهُ تَعالى لِمَلائكَتهِ‏:‏ قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي‏؟‏ فَيَقولونَ‏:‏ نَعَمْ‏:‏ فَيَقولُ‏:‏ قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤادِهِ‏؟‏ فيقولونَ‏:‏ نَعَمْ، فَيَقولُ‏:‏ فَماذا قالَ عَبْدِي‏؟‏ فَيَقُولُونَ‏:‏ حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعالى‏:‏ ابْنُوا لِعَبْدي بَيْتاً في الجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ‏"‏ قال الترمذي‏:‏ حديث حسن‏.‏ (31)

4/388 وفي معنى هذا ما رويناه في صحيح البخاري، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏يَقُولُ اللَّهُ تَعالى، ما لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلاَّ الجَنَّةُ‏"‏‏.‏‏(32)

 بابُ ما يقولُه مَنْ بَلَغَهُ مَوْتُ صَاحِبِهِ

1/389 روينا في كتاب ابن السني، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏المَوْتُ فَزَعٌ، فإذَا بَلَغَ أحَدَكُمْ وَفاةُ أخِيهِ فَلْيَقُلْ‏:‏ ‏(‏إِنََّا لِلَّهِ وإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَإِنَّا إلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبونَ‏(‏ اللَّهُمَّ اكْتُبْهُ عِنْدَكَ فِي الْمُحْسِنِينَ، وَاجْعَلْ كِتابَهُ فِي عِلِّيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي أَهْلِهِ فِي الغابِرِينَ، وَلا تَحْرِمْنا أجْرَهُ وَلاَ تَفْتِنَّا بَعْدَهُ‏"‏‏.‏(33)

 بابُ ما يقولُه إذا بلَغه موتُ عدوِّ الإِسلام

1/390 روينا في كتاب ابن السني، عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال‏:‏ أتيتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقلتُ‏:‏ يا رسولَ اللّه‏!‏ قد قتلَ اللّه عزّ وجلّ أبا جهلٍ، فقال‏:‏ ‏"‏الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَصَرَ عَبْدَهُ وَ أعَزَّ دِينَهُ‏"‏‏.‏(34)

 بابُ تحريمِ النياحَةِ على الميِّتِ والدُّعَاءِ بدعوَى الجاهليّة

أجمعت الأمّةُ على تحريم النياحة، والدعاء بدعوى الجاهلية، والدعاء بالويل والثبور عند المصيبة‏.‏

1/391 روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لَيْسَ مِنّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعا بِدَعْوَى الجاهِلِيَّةِ‏"‏ وفي رواية لمسلم ‏"‏أوْ دَعا أوْ شَقَّ‏"‏ بأو‏.‏ (35)

2/392 وروينا في صحيحيهما، عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه؛

أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم برىء من الصالقة والحالقة والشاقة‏.‏

قلت‏:‏ الصالقة‏:‏ التي ترفع صوتها بالنياحة؛ والحالقة‏:‏ التي تحلق شعرها عند المصيبة؛ والشاقة‏:‏ التي تشقّ ثيابها عند المصيبة، وكل هذا حرام باتفاق العلماء، وكذلك يحرم نشر الشعر ولطم الخدود وخمش الوجه والدعاء بالويل‏.‏ ‏(36)

3/393 وروينا في صحيحيهما، عن أُمّ عطيةَ رضي اللّه عنها قالت‏:‏ أخذَ علينا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في البيعة أن لا ننوح‏.‏ ‏(37)

4/394 وروينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال ‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اثْنَتانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ‏:‏ الطَّعْنُ في النَّسَبِ وَالنِّياحَةُ على المَيِّتِ‏"‏‏.‏‏(38)(‏مسلم ‏(‏67‏(‏ ، والترمذي ‏(‏1001‏(‏ ‏.‏ "(‏مسلم ‏(‏67‏(‏ ، والترمذي ‏(‏1001‏(‏ ‏.‏ "(‏مسلم ‏(‏67‏(‏ ، والترمذي ‏(‏1001‏(‏ ‏.‏ "(‏مسلم ‏(‏67‏(‏ ، والترمذي ‏(‏1001‏(‏ ‏.‏"(‏مسلم ‏(‏67‏(‏ ، والترمذي ‏(‏1001‏(‏ ‏.‏

5/395 وروينا في سنن أبي داود، عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال‏:‏ لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم النائحة والمستمعة‏.‏

واعلم أن النياحة‏:‏ رفع الصوت بالندب، والندب‏:‏ تعديد النادبة بصوتها محاسن الميت، وقيل‏:‏ هو البكاء عليه مع تعديد محاسنه‏.‏ قال أصحابنا‏:‏ ويحرم رفع الصوت بإفراط في البكاء‏.‏

وأما البكاء على الميت من غير ندب ولا نياحة فليس بحرام‏.‏ ‏(39)

6/396 فقد روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عاد سعد بن عبادة ومعه عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد اللّه بن مسعود، فبكى رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلما رأى القومُ بكاءَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بكَوْا، فقال‏:‏ ‏"‏ألا تَسْمَعُونَ إنَّ اللَّهَ لا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ ولا بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذّبُ بِهَذَا أَوْ يَرْحَمُ، وأشار إلى لسانه صلى اللّه عليه وسلم‏"‏‏.‏(40)

7/397 وروينا في صحيحيهما، عن أُسامة بن زيد رضي اللّه عنهما؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رُفِعَ إليه ابنُ ابنته وهو في الموت، ففاضت عينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال له سعد‏:‏ ما هذا يا رسول اللّه‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ ‏"‏هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَها اللَّهُ تَعالى في قُلوبِ عِبَادِهِ، وإنمَا يَرْحَمُ اللَّهُ تَعالى مِنْ عِبادِهِ الرُّحَماءَ‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ الرحماء‏:‏ رُوي بالنصب والرفع، فالنصبُ على أنه مفعول يرحم، والرفع على أنه خبر إنّ، وتكون ما بمعنى الذي‏.‏ (41)

8/398 وروينا في صحيح البخاري، عن أنس رضي اللّه عنه؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي اللّه عنه وهو يجود بنفسه، فجعلتْ عينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف‏:‏ وأنت يا رسولَ اللّه‏؟‏‏!‏ فقال‏:‏ ‏"‏يا بْنَ عَوْفٍ‏!‏ إِنَها رَحْمَةٌ‏"‏ ثم أتبعها بأخرى فقال‏:‏ ‏"‏إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ ما يُرْضِي رَبَّنا، وَإنَّا بِفِرَاقِكَ يا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ‏"‏ والأحاديث بنحو ما ذكرته كثيرة مشهورة‏.‏

وأما الأحاديث الصحيحة‏:‏ أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، فليست على ظاهرها وإطلاقها، بل هي مؤوّلة واختلف العلماء في تأويلها على أقوال‏:‏ أظهرها ـ واللّه أعلم ـ أنها محمولة على أن يكون له سبب في البكاء إما بأن يكون أوصاهم به، أو غير ذلك، وقد جمعت كل ذلك أو معظمه في كتاب الجنائز من شرح المهذب، واللّه أعلم‏.‏

قال أصحابنا‏:‏ ويجوز (42)

 بابُ التَّعْزِيَة

1/399 روينا في كتاب الترمذي والسنن الكبرى للبيهقي، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏مَنْ عَزَّى مُصَاباً فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ‏"‏ وإسناده ضعيف‏.‏ (43)

2/400 وروينا في كتاب الترمذي أيضاً، عن أبي برزة الأسلمي رضي اللّه عنه عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏مَنْ عَزَّى ثَكْلَى كُسِيَ بُرْداً في الجَنَّةِ‏"‏ قال الترمذي‏:‏ ليس إسناده بالقويّ‏.‏ (44)

3/401 وروينا في سنن أبي داود والنسائي، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما حديثاً طويلاً فيه أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال لفاطمة رضي اللّه عنها‏:‏ ‏"‏ما أخْرَجَكِ يَا فاطِمَةُ مِنْ بَيْتكِ‏؟‏‏"‏ قالَت‏:‏ أتيتُ أهلَ هذا الميت فترحمتُ إليهم ميّتهم أو عزَّيْتُهم به‏.‏(45)

4/402 وروينا في سنن ابن ماجه والبيهقي، بإسناد حسن، عن عمرو بن حزم رضي اللّه عنه

عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ما مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أخاهُ بِمُصِيْبَتِهِ إِلاَّ كَساهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ حُلَلِ الكَرَامَةِ يَوْمَ القِيامَةِ‏"‏‏.‏‏(46)

واعلم أن التعزية هي التصبير وذكر ما يسلّي صاحب الميت ويخفّف حزنه ويهوّن مصيبته وهي مستحبة، فإنها مشتملة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي داخلة أيضاً في قول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وَتَعاوَنُوا على البِرّ والتََّقْوَى‏}‏ وهذا من أحسن ما يُستدلّ به في التعزية‏.‏ وثبت في الصحيح أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏وَاللَّهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْن أخيه‏"‏ (47)

واعلم أن التعزية مستحبّة قبل الدفن وبعده‏.‏ قال أصحابنا‏:‏ يدخل وقت التعزية من حين يموت ويبقى إلى ثلاثة أيام بعد الدفن‏.‏ والثلاثة على التقريب لا على التحديد، كذا قاله الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا‏.‏ قال أصحابنا‏:‏ وتُكره التعزية بعد ثلاثة أيام، لأن التعزية لتسكين قلب المُصاب، والغالب سكون قلبه بعد الثلاثة، فلا يجدّد له الحزن، هكذا قاله الجماهير من أصحابنا‏.‏ وقال أبو العباس بن القاص من أصحابنا‏:‏ لا بأس بالتعزية بعد الثلاثة، بل يبقى أبداً وإن طال الزمان؛ وحكى هذا أيضاً إمام الحرمين عن بعض أصحابنا، والمختار أنها لا تفعل بعد ثلاثة أيام إلا في صورتين استثناهما أصحابنا أو جماعة منهم، وهما إذا كان المعزِّي أو صاحب المصيبة غائباً حال الدفن واتفق رجوعه بعد الثلاثة‏.‏ قال أصحابنا‏:‏ التعزية بعد الدفن أفضل منها قبله، لأن أهل الميت مشغولون بتجهيزه، ولأن وحشتهم بعد دفنه لفراقه أكثر، هذا إذا لم يرَ منهم جزعاً شديداً، فإن رآه قدّم التعزية ليسكِّنهم، واللّه تعالى أعلم‏.‏

 فصل‏:‏ ويستحبّ أن يعمَّ بالتعزية جميعَ أهل الميت وأقاربه الكبار والصغار والرجال والنساء، إلا أن تكون امرأةً شابّةً فلا يعزّيها إلا محارمُها‏.‏ وقال أصحابنا‏:‏ وتعزيةُ الصلحاء والضعفاء على احتمال المصيبة والصبيان آكد‏.‏

 فصل‏:‏ قال الشافعي وأصحابنا رحمهم اللّه‏:‏ يُكره الجلوس للتعزية‏.‏ قالوا‏:‏ ويعني بالجلوس أن يجتمعَ أهلُ الميت في بيت ليقصدَهم مَن أراد التعزية، بل ينبغي أن يَتَصرَّفوا في حوائجهم ولا فرقَ بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها، صرَّحَ به المحاملي، ونقله عن نصّ الشافعي رضي اللّه عنه، وهذه كراهةُ تنزيه إذا لم يكن معها مُحدَثٌ آخر، فإن ضُمَّ إليها أمرٌ آخر من البدع المحرمة كما هو الغالب منها في العادة كان ذلك حراماً من قبائح المحرمات فإنه مُحَدَث، وثبت في الحديث الصحيح‏:‏ ‏"‏إنَّ كلَّ مُحدَثٍ بِدْعة، وكلّ بدعةٍ ضَلالة‏"‏ ‏(‏رواه مسلم ‏(‏867‏(‏ عن جابر رضي اللّه عنهما‏.‏

 فصل‏:‏ وأما لفظةُ التعزية فلا حجرَ فيه، فبأيّ لفظ عزَّاه حصلت‏.‏ واستحبَّ أصحابُنا أن يقول في تعزية المسلم بالمسلم‏:‏ أعْظَمَ اللَّهُ أجْرَكَ، وأحْسَنَ عَزَاءَكَ، وَغَفَرَ لمَيِّتِكَ‏.‏ وفي المسلم بالكافر‏:‏ أعظم اللّه أجرَك‏.‏ وأحسن عزاءَك‏.‏ وفي الكافر بالمسلم‏:‏ أَحسن اللّه عزاءك، وغفر لميّتك‏.‏ وفي الكافر بالكافر‏:‏ أخلف اللّه عليك‏.(48)

 وأحسن ما يُعزَّى به‏:‏

5/403 ما روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أُسامة بن زيد رضي اللّه عنهما قال‏:‏ أرسلتْ إحدى بنات النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم إليه تدعوه وتخبره أنّ صبياً لها أو ابناً في الموت، فقال للرسول‏:‏ ‏"‏ارْجعْ إلَيْها فأخْبرْها أنَّ لِلَّهِ تَعالى ما أخَذَ وَلَهُ ما أعْطَى، وكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بأجَلٍ مُسَمَّى، فمُرْها فَلْتَصْبرْ وَلْتَحْتَسبْ‏"‏ وذكر تمام الحديث‏.‏ ‏(49)

قلت‏:‏ فهذا الحديث من أعظم قواعد الإِسلام، المشتملة على مهمات كثيرة من أصول الدين وفروعه، والآداب، والصبر على النوازل كلِّها، والهموم والأسقام وغير ذلك من الأعراض‏.‏ ومعنى ‏"‏أن للّه تعالى ما أخذ‏"‏ أن العالم كله ملك للّه تعالى، فلم يأخذ ما هو لكم، بل أخذ ما هو له عندكم في معنى العارية؛ ومعنى ‏"‏وله ما أعطى‏"‏ أن ما وهبه لكم ليس خارجاً عن ملكه، بل هو له سبحانه يفعل فيه مايشاء، وكل شيء عنده بأجلٍ مسمّى فلا تجزعوا، فإن من قبضه قد انقضى أجَله المسمى، فمُحال تأخره أو تقدّمخ عنه، فإذا علمتم هذا كله فاصبروا واحتسبوا ما نزل بكم، واللّه أعلم‏.‏

6/404 وروينا في كتاب النسائي بإسناد حسن، عن معاوية بن قرّة بن إياس، عن أبيه رضي اللّه عنه؛أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم فقدَ بعضَ أصحابه فسأل عنه، فقالوا‏:‏ يا رسول اللّه‏!‏ بُنَيُّهُ الذي رأيته هلك، فلقيه النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، فسأله عن بنيّه فأخبره بأنه هلك، فعزّاه عليه ثم قال‏:‏ ‏"‏يا فُلانُ‏!‏ أيُّمَا كانَ أحَبَّ إلَيْكَ‏:‏ أَنْ تَمَتَّعَ بِهِ عُمُرَكَ، أوْ لا تَأتِي غَداً باباً مِنْ أبْوَابِ الجَنَّةِ إِلاَّ وَجَدْتَهُ قَدْ سَبَقَكَ إِلَيْهِ يَفْتَحُهُ لَكَ، قال‏:‏ يا نبيّ اللّه‏!‏ بل يسبقني إلى الجنة فيفتحها لي لهو أحبّ إليّ، قال‏:‏ فَذَلِكَ لَكَ‏"‏‏.‏‏(50)

وروى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي (51) اللّه؛ أن الشافعي بلغه أن عبد الرحمن بن مهدي رحمه اللّه مات له ابن فجَزعَ عليه عبد الرحمن جزعاً شديداً، فبعثَ إليه الشافعي رحمه اللّه‏:‏ يا أخي عزِّ نفسك بما تَعَزَّى به غيرُك، واستقبحْ من فعلك ما تستقبحُه من فعل غيرك‏.‏ واعلم أن أمضَّ المصائب فقدُ سرورٍ وحرمانُ أجر، فكيف إذا اجتمعا مع اكتِساب وزر‏؟‏ فتناول حظَّكَ يا أخي إذا قرب منك قبل أن تطلبَه وقد نأى عنك، ألهمك اللَّهُ عند المصائب صبراً، وأحرزَ لنا ولك بالصبر أجراً، وكتب إليه‏:‏

إنّي مُعَزِّيكَ لا أني على ثِقَةٍ * مِنَ الخُلُودِ وَلَكِنْ سُنَّةُ الدّينِ

فَمَا المُعَزَّى بِباقٍ بَعْدَ مَيِّتِهِ * وَلا المُعَزِّي وَلَوْ عاشا إلى حِينِ

وكتبَ رجلٌ إلى بعض إخوانه يعزُّيه بابنه‏:‏ أما بعد، فإنَّ الولدَ على والده ما عاش حُزْنٌ وفتنة، فإذا قدّمه فصلاة ورحمة، فلا تجزعْ على ما فاتك من حزنه وفتنته، ولا تضيّع ما عوّضك اللّه عزّوجلّ من صلاته ورحمته‏.‏

وقال موسى بن المهدي لإِبراهيم بن سالم وعزَّاه بابنه‏:‏ أسَرَّك وهو بليّة وفتنة، وأحزنَك وهو صلوات ورحمة‏؟‏‏!‏

وعزَّى رجلٌ فقال‏:‏ عليك بتقوى اللّه والصبر، فبه يأخذ المحتسب، وإليه (52)

وعن ابن جُرَيْجٍ رحمه اللّه قال‏:‏ من لم يتعزّ عند مصيبته بالأجر والاحتساب، سَلاَ كما تَسْلُو البهائم‏.‏

وعن حُميد الأعرج قال‏:‏ رأيت سعيدَ بن جُبير رحمه اللّه يقول في ابنه ونظر إليه‏:‏ إني لأعلم خير خلّة فيه، قيل‏:‏ ما هي‏؟‏ قال‏:‏ يموت فأحتسبه‏.‏

وعن الحسن البصري رحمه اللّه أن رجلاً جَزِع على ولده وشكا ذلك إليه، فقال الحسن‏:‏ كان ابنك يغيب عنك‏؟‏ قال‏:‏ نعم كانت غيبته أكثر من حضوره، قال‏:‏ فاتركه غائباً فإنه لم يغبْ عنك غيبة الأجْرُ لك فيها أعظم من هذه، فقال‏:‏ يا أبا سعيد‏!‏ هوَّنت عنّي وجْدي على ابني‏.‏

وعن ميمون بن مهران قال‏:‏ عزَّى رجل عمرَ بن عبد العزيز رضي اللّه عنه على ابنه عبد الملك رضي اللّه عنه، فقال عمر‏:‏ الأمر الذي نزل بعبد الملك أمرٌ كنّا نعرفه، فلما وقع لم ننكره‏.‏ وعن بشر بن عبد اللّه قال‏:‏ قام عمر بن عبد العزيز على قبر ابنه عبد الملك فقال‏:‏ رحمك اللّه يا بنيّ‏!‏ فقد كنت سارّاً مولوداً، وبارّاً اشئاً، وما أحبّ أني دعوتك فأجبتني‏.‏ وعن مسلمة قال‏:‏ لما ماتَ عبدُ الملك بن عمر كشفَ أبوه عن وجهه وقال‏:‏ رحمك اللّه يا بني‏!‏ فقد سررت بك يوم بُشِّرْتُ بك، ولقد عمرتَ مسروراً بك، وما أنت عليّ ساعة أنا فيها أسرّ من ساعتي هذه، أما واللّه إن كنتَ لتدعو أباك إلى الجنة‏.‏ قال أبو الحسن المدائني‏:‏ دخل عمر بن عبد العزيز على ابنه في وجعه فقال‏:‏ يا بني‏!‏ كيف تجدك‏؟‏ قال‏:‏ أجدني في الحقّ، قال‏:‏ يا بنيّ‏!‏ لأن تكون في ميزاني أحبّ إليّ من أن أكون في ميزانك، فقال‏:‏ يا أبتِ‏!‏ لأن يكون ما تُحبُّ أحبّ إليّ من أن يكون ما أحب‏.‏

وعن جُويرية بن أسماء، عن عمّه، أن إخوة ثلاثة شهدوا يوم تُسْتَرَ فاسْتشهدوا، فخرجتْ أُمُّهم إلى السوق لبعض شأنها، فتلقاها رجلٌ حضرَ تُسْتَرَ، فعرفتْه، فسألته عن أمور بَنِيها، فقال‏:‏ اسْتُشهدوا، فقالت‏:‏ مُقبلين أو مُدبرين‏؟‏ قال‏:‏ مُقبلين، قالت‏:‏ الحمد للّه، نالوا الفوزَ وحاطوا الذِّمار، بنفسي هم وأبي وأمي‏.‏ قلت‏:‏ الذِّمار بكسر الذال المعجمة، وهم أهل الرجل وغيرهم مما يحقّ عليه أن يحميه، وقولها حاطوا‏:‏ أي حفِظوا ورعوا‏.‏

ومات ابن الإِمام الشافعي رضي اللّه عنه فأنشدَ‏:‏

وما الدّهرُ إِلاّ هكذا فاصْطبرْ لهُ * رزِيَّةُ مالٍ أو فِراقُ حَبِيب

قال أبو الحسن المدائني‏:‏ مات الحسنُ والدُ عبيد اللّه بن الحسن، وعبيدُ اللّه يومئذ قاضي البصرة وأميرُها، فكثر من يعزّيه، فذكروا ما يتبيّنُ به جزعُ الرجل من صبره، فأجمعوا على أنه إذا ترك شيئاً كان يصنعه فقد جزع‏.‏

قلت‏:‏ والآثار في هذا الباب كثيرة، وإنما ذكرت هذه الأحرف لئلا يخلو هذا الكتاب من الإِشارة إلى طرف من ذلك واللّه أعلم‏.‏

 فصل‏:‏ في الإِشارة إلى بعض ما جرى من الطاعون في الإِسلام‏.‏ والمقصود بذكره هنا التصبّر والحمل على التأسّي، وأن مصيبة الإِنسان قليلة بالنسبة إلى ما جرى قبله‏.‏

قال أبو الحسن المدائني‏:‏ كانت الطواعين المشهورة العظام في الإِسلام خمسة‏:‏ طاعون شيرويه بالمدائن في عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سنة ستّ من الهجرة، ثم طاعون عمواس في زمن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه كان بالشام، مات فيه خمسة وعشرون ألفاً، ثم طاعون في زمن ابن الزبير في شوّال سنة تسع وستين، مات في ثلاثة أيام في كلّ يوم سبعون ألفاً، مات فيه لأنس بن مالك رضي اللّه عنه ثلاثة وثمانون ابناً، وقيل ثلاثة وسبعون ابناً، ومات لعبد الرحمن بن أبي بكرة أربعون ابناً، ثم طاعون الفتيات في شوّال سنة سبع وثمانين، ثم طاعون سنة إحدى وثلاثين ومئة في رجب، واشتدّ في رمضان، وكان يُحصى في سكة المِربد في كل يوم ألف جنازة، ثم خفّ في شوّال‏.‏ وكان بالكوفة طاعون سنة خمسين، وفيه‏:‏ توفي المغيرة بن شعبة، هذا آخر كلام المدائني‏.‏

وذكر ابن قُتيبة في كتابه ‏"‏المعارف‏"‏ عن الأصمعي في عدد الطواعين نحو هذا، وفيه زيادة ونقص‏.‏ قال‏:‏ وسمي طاعون الفتيات لأنه بدأ في العذارى بالبصرة وواسط والشام والكوفة، ويقال له‏:‏ طاعون الأشراف لِما مات فيه من الأشراف‏.‏ قال‏:‏ ولم يقع بالمدينة ولا مكة طاعون قطّ‏.‏

وهذا الباب واسع، وفيما ذكرته تنبيهٌ على ما تركته، وقد ذكرتُ هذا الفصل أبسط من هذا في أوّل شرح صحيح مسلم رحمه اللّه، وباللّه التوفيق‏.‏

 بابُ جَواز إعلامِ أصحاب الميّتِ وقرابتِه ‏‏ بموتِه وكراهةِ النَّعي

1/405 روينا في كتاب الترمذي وابن ماجه، عن حذيفة رضي اللّه عنه قال‏:‏ إذا مِتُّ فلا تُؤذنوا بي أحداً، إني أخاف أن يكون نعياً، فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ينهى عن النعي‏.‏ قال الترمذي‏:‏ حديث حسن‏.‏ ‏(53)

2/406 وروينا في كتاب الترمذي، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إيَّاكُمْ وَالنَّعْيَ، فإنَّ النَّعْيَ مِنْ عَمَلِ الجاهِلِيَّةِ‏"‏ وفي رواية عن عبد اللّه ولم يرفعه‏.‏ قال الترمذي‏:‏ هذا أصحّ من المرفوع، وضعَّف الترمذي الروايتين‏.‏ (54)

3/407 وروينا في الصحيحين؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نعى النجاشي إلى أصحابه‏.‏

وروينا في الصحيحين ‏(‏البخاري ‏(‏1377‏(‏ ، ومسلم ‏(‏956‏(‏ ‏( "‏ ، أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال في ميت دفنوه بالليل ولم يعلم به‏:‏ ‏"‏أفلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ‏؟‏‏"‏‏.‏‏(‏البخاري ‏(‏1333‏(‏ ، ومسلم ‏(‏951‏(‏ ، وأبو داود ‏(‏3204‏(‏ ، والترمذي ‏(‏1022‏(‏ ، والنسائي 4/72، وهو في الموطأ أيضاً 1/226ـ227‏.‏‏)‏ "(‏البخاري ‏(‏1333‏(‏ ، ومسلم ‏(‏951‏(‏ ، وأبو داود ‏(‏3204‏(‏ ، والترمذي ‏(‏1022‏(‏ ، والنسائي 4/72، وهو في الموطأ أيضاً 1/226ـ227‏.‏‏)‏

قال العلماء المحققون والأكثرون من أصحابنا وغيرهم‏:‏ يُستحبّ إعلامُ أهل الميت وقرابته وأصدقائه لهذين الحديثين‏.‏ قالوا‏:‏ النعيُ المنهي عنه إنما هو نعي الجاهلية، وكانت عادتهم إذا مات منهم شريفٌ بعثوا راكباً إلى القبائل يقول‏:‏ نعايا فلان، أو يا نعايا العرب‏:‏ أي هلكت العرب بمهلك فلان، ويكون مع النعي ضجيج وبكاء‏.‏

وذكر صاحب الحاوي من أصحابنا وجهين لأصحابنا في استحباب الإِيذان بالميت وإشاعة موته بالنداء والإِعلام، فاستحبّ ذلك بعضهُم للميت الغريب والقريب، لما فيه من كثرة المصلّين عليه والدّاعين له‏.‏ وقال بعضُهم‏:‏ يُستحبّ ذلك للغريب ولا يُستحبّ لغيره‏.‏ قلت‏:‏ والمختار استحبابه مطلقاً إذا كان مجرّد إعلام (55)‏‏:‏ وقد أوضحتُ هذا البابَ في شرح صحيح البخاري، وشرح المهذب، وجمعتُ فيه أقوالَ الأئمة مع الأحاديث والآثار، وقد لخَّصتُ مقاصده هنا، فمن أرادَ زيادة طالعَ ذلك، وباللّه التوفيق‏.‏